تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :دروس في علوم القرآن - الدرس 7- أول مانزل من القرآن
--------------------------------------------------------------------------------
معرفة أول ما نـزل
فوائد معرفة أول ما نـزل وآخر ما نـزل :
1- تمييز الناسخ من المنسوخ في الآيات الواردة على موضوع واحد مع تغاير الحكم فيهما تغايراً لا يمكن معه الجمع .
2- معرفة تاريخ التشريع الإسلامي ، كمعرفة متى فرضت الصلاة والزكاة والحج والصيام والجهاد وغير ذلك .
3- الوصول إلى حكمة الله تعالى البالغة في التدرج بالتشريع ، فآيات العقائد نـزلت أولاً ثم نـزلت آيات الأحكام ، وكذلك التدرج في فرض الجهاد و تحريم الخمر .
4- إظهار مدى العناية التي أُحيط بها القرآن ، حتى عرف منه أول ما نـزل وآخر ما نـزل ، سواء على الإطلاق أو في موضوع معين كتحريم الخمر وفرض الجهاد .
مصادر معرفة أول ما نـزل وآخر ما نـزل :
المعتمد في معرفة أول ما نـزل وآخر ما نـزل ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم في بيان ذلك ، سواء مما شاهدوه أو سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، لأنه لا مجال للعقل في هذا الباب إلا في الترجيح بين الأقول المتعارضة أو الجمع بينها إن أمكن .
أول ما نـز ل :
اختلف في أول ما نـزل من القرآن على عدة أقوال ، أشهرها ثلاثة ذكرها السيوطي :
القول الأول: أن أول ما نـزل هو قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم } ودليله ما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت : أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة رضي الله عنها فتزوده لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه فقال : اقرأ ، قال رسول الله : فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) حتى بلغ ( ما لم يعلم ) فرجع بها رسول الله ترجف بوادره. قال السيوطي : وهو الصحيح .
القول الثاني : أن أول ما نـزل قوله تعالى : { يا أيها المدثر } ودليله ما رواه الشيخان عن سلمة بن عبد الرحمن قال سألت جابر بن عبد الله : أي القرآن أنـزل قبل ؟ قال : يا أيها المدثر . قلت : أو اقرأ باسم ربك ؟ قال أحدثكم ما حدثنا به رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إني جاورت بحراء فلما قضيت جواري نـزلت فاستبطنت الوادي فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو يعني جبريل فأخذتني رجفة فأ
خديجة فأمرتهم فدثروني فأنـزل الله يا أيها المدثر قم فأنذر))
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن أول ما نـزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نـزل الحلال والحرام.
وقد استشكل هذا بأن أول ما نـزل : اقرأ وليس فيها ذكر الجنة والنار وأجيب بأن ( مِن ) مقدَّره أي ( من أول ما نـزل ) ، والمراد سورة المدثر فإنها أول ما نـزل بعد فترة الوحي وفي آخرها ذكر الجنة والنار فلعل آخرها نـزل قبل نـزول بقية اقرأ .
وأجاب القائلون بالقول الأول على القول الثاني بأجوبة :الأول عن هذا الحديث بأجوبة أحدها أن السؤال كان عن نـزول سورة كاملة فبين أن سورة المدثر نـزلت بكمالها قبل نـزول تمام سورة اقرأ فإنها أول ما نـزل منها صدرها ويؤيد هذا ما في الصحيحين أيضا عن أبي سلمة عن جابر سمعت رسول الله وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه بينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء على كرسي بين السماء والأرض فرجعت فقلت : زملوني زملوني ، فدثروني . فأنـزل الله يا أيها المدثر .
وأجاب القائلون بالقول الأول على القول الثاني بأجوبة عدة منها :
1. أن قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن جابر رضي الله عنه (بينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء على كرسي بين السماء والأرض ) يدل على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي نـزل فيها اقرأ باسم ربك .
2. أن مراد جابر بالأولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي لا أولية مطلقة .
3. أن المراد أولية مخصوصة بالأمر بالإنذار وعبر بعضهم عن هذا بقوله أول ما نـزل للنبوة اقرأ باسم ربك وأول ما نـزل للرسالة يا أيها المدثر .
4. أن جابرا رضي الله عنه استخرج ذلك باجتهاده وليس هو من روايته فيقدم عليه ما روته عائشة.
القول الثالث : أن أول ما نـزل سورة الفاتحة : ودليله ما أخرجه البيهقي في الدلائل عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة : إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا فقالت معاذ الله ما كان الله ليفعل بك فوالله إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه له وقالت اذهب مع محمد إلى ورقة فانطلقا فقصا عليه فقال إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأفق فقال لا تفعل إذا أتاك فأثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد قل : { بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين } حتى بلغ { ولا الضالين } وهو حديث مرسل رجاله ثقات .
ويناقش هذا القول بأن هذا الحديث مرسل ، فلا يقدم على ما روته عائشة رضي الله عنها وجابر رضي الله عنه، وقال البيهقي : إن كان محفوظا يحتمل أن يكون خبرا عن نـزولها بعدما نـزلت عليه اقرأ و المدثر .
وللجمع بين الأقوال يقال : إن أول ما نـزل من الآيات : (اقرأ باسم ربك الذي خلق) إلى قوله تعالى ( ما لم يعلم ) وأول ما نـزل من أوامر التبليغ : ( يا أيها المدثر ) وأول ما نـزل من السور سورة الفاتحة.
لمن فاتته الدروس السابقة هذه روابطها
الدرس الأول:
http://www.yahyahawwa.com/forum/showthread.php?t=14574الدرس الثاني:
http://www.yahyahawwa.com/forum/showthread.php?t=15462الدرس الثالث:
http://www.yahyahawwa.com/forum/showthread.php?t=16161الدرس الرابع:
http://www.yahyahawwa.com/forum/showthread.php?t=16688الدرس الخامس:
http://www.yahyahawwa.com/forum/showthread.php?t=21350الدرس السادس
http://www.yahyahawwa.com/forum/showthread.php?t=28508